رشيد محمد ناصر Admin
عدد الرسائل : 244 العمر : 52 تاريخ التسجيل : 10/06/2008
| موضوع: الزوايا في الجزائر ونشأتها الإثنين يونيو 16, 2008 1:43 pm | |
|
الزوايا في الجزائر ونشأتها:
إن كثيرا من الناس إذا ما سمع لفظ " الزاوية " تتبادر إلى ذهنه مباشرة أمور بدعية وتصرفات شركية مثلا ضريح ناس يطوفون به يتبركون ، ولكن حتى لا تختلط المفاهيم لا بد من التفريق بين زوايا اليوم التي غدت مأوىً للمشعوذين والزردات و بين الزوايا العلمية لسلفنا - حتى وإن شابتها بعض الأخطاء - التي كانت الحامي والمدافع عن ديننا من كل الهجمات . وأنقل لكم هذا الموضوع الذي أتمنى أن يكون مفيدا حول مصطلح الزاوية وما تعنية ونشأتها بالجزائر :
لقد عرف تاريخ الجزائر السياسي والثقافي والديني زوايا عظيمة كان لها دور عظيم في نشر الوعي الديني والثقافي، وتحرير البلاد من السيطرة الاستعمارية، كما كان لها الدور الكبير في الحفاظ على الهوية الوطنية ومقومات الشخصية الوطنية. • الدعوة إلى الله. • تبصير الناس بأمور دينهم. • التمسك والمحافظة على شعائر الدين الإسلامي ومعالمه. • الدعوة إلى الجهاد. • مراكز علمية. وإذا كانت الرباطات نشأت أول ما نشأت بالمشرق في مطلع الدولة العباسية، وهي عبارة عن ثكنات عسكرية وأمكنة لتجميع الجيوش للدفاع عن الدولة ودفع المغيرين والهاجمين عليها من النصارى، كأربطة العباسيين بثغور الشام، فإن الرباط الجزائري كان أكثر نفعا وأبعد أثرا، إذ أن مهمته لا تقتصر على الدفاع فقط، بل يزيد على ذلك بأنه معهد علمي تدرس به سائر العلوم وخاصة الدينية، وهو مكتبة جامعة تضم نفائس الكتب والمخطوطات، وهو مستشفى لعلاج المرضى، ومأوى يضم الفقراء والمساكين ومن لا ملجأ لهم. ولم تعرف الجزائر الزوايا إلا بعد القرن الخامس الهجري، ومع مرور الزمن تطور أمر الزاوية وزادت أهميتها، وخاصة خلال القرن العاشر الهجري، بعد سقوط الأندلس، وامتداد الأطماع الأوربية إلى السواحل الجزائرية.
مصطلح الزاوية: تعريفها: أ ـ لغة: كلمة زاوية مشتقة من الفعل انزوى، بمعنى اتخذ ركنا من أركان المسجد للاعتكاف والتعبّد. كما يطلق على الزوايا لفظ: الخوانق، وهي جمع خانكاه. كلمة فارسيّة تعني بيت، وأصلها خانقاه، وهي الموضع الذي يأكل فيه الملك. ولفظ زاوية مشتق من زوى، ويقصد به: زوى، زُويا، زيا الشيء، أي جمع الشيء وقبضه، كما تعني الركن. ولما تكلم مؤلف "قوت القلوب" على أقسام العلماء ذكر منهم الخاصة وهو" العالم بعلم التوحيد والمعرفة وهؤلاء أهل الزوايا وهم المنفردون". ويقول الشيخ السنوسي: " إن كلمة الزاوية دال على معناها، وهي من زوى، يزوي إذا جمع الشيء ". وبالتالي فالزاوية جامعة، لكونها تجمع العباد على حب الله ورسوله، وذكره تعالى، وكانت العرب تقول:" تزاوى القوم "، أي تضامنوا، وتحلقوا في بقعة لغرض ما من أغراض الحياة. وكما هو معروف أن أهل الزاوية يتحلقون، ويجتمعون ذاكرين الله تعالى، ومنه فاللفظ مشتقّ من الفعل . انزوى . ب ـ إصطلاحا: لعل أقدم تعريف لها هو ما ورد عن ابن مرزوق الخطيب (ت 781هـ = 1319م) في كتابه ((المسند الصحيح في مآثر مولانا أبي الحسن)) في قوله: " هي المواضع المعدة لارفاق الواردين وإطعام المحتاجين من القاصدين". ثم ذكر أن الزاوية هي ما يعرف في المشرق بالرباط. على أننا في دائرة المعارف الإسلامية نجد لها تعريفا شاملا:" يطلق هذا اللفظ في شمال إفريقيا على مجموعة من الأبنية ذات طابع ديني: غرفة للصلاة، ضريح لأحد المرابطين أو ولي من الأشراف تعلوه قبة، غرفة قصرت على تلاوة القرآن، مدرسة لتحفيظ القرآن، غرفة مخصصة لضيوف الزاوية والحجاج والمسافرين، وغرف للطلبة، ويلحق بالزاوية عادة مقبرة تشمل قبور أولئك الذين أوصوا في حياتهم أن يدفنوا بها." ويمكن تعريفها أيضا بأنها مدرسة دينية، ودار لضيافة الأغراب، وتعتبر مراكز لمشائخ الطرق الصوفيّة، مخصّصة للعلم، والثقافة العربيّة الإسلاميّة في مراحل الدراسة. ويظهر أن مصطلح "زاوية" لم يتحدد معناه إلا بعد عصر الغبريني الذي كان من الأوائل الذين ذكروا مصطلح زاوية في كتاباتهم، ففي ترجمته للشيخ أبي زكريا الزواوي نجد ما يلي: "... ثم دخل زاويته دون أن يختم مجلسه بالدعاء المعهود عنه"، وفي مقام آخر ذكر الرابطة ففي ترجمة ابن يبكى وصفه بـ" صاحب الرابطة المعروفة الآن رابطة بن يبكى بداخل باب أمسيون من أعلى سند بجاية". وقد نشأت الزاوية تحت ظروف بيئية واجتماعية ودينية معينة، وعرفت تطورها الكامل في القرن 14م أثناء الفترة المرينية وحكم بني عبد الوادي، الذين أخذت الزوايا في عهديهما شكلها الأخير وإطارها المحدد المعروف. اشتهر الكثير من سلاطين الدولة الزيانية ببناء الزوايا والتحبيس عليها، مثلما جاء في مناقب السلطان أبي فارس عبد العزيز ( 796 / 837هـ) والسلطان أبي عمرو بن عثمان. وقد حرص الكثير من سلاطين بني مرين على بناء الزوايا والاهتمام بها، مثلما هو الحال بالنسبة للسلطان يعقوب بن عبد الحق ( 685 / 706هـ): " وبنى الزوايا في الفلوات وأوقف لها الأوقاف الكثيرة لإطعام عابري السبيل وذوي الحاجات..". واستمرت عمليات بناء الزوايا والتحبيس عليها مع كل سلاطين بني مرين تقريبا، مثلما قام به السلطان أبو عنان: "ومن تلك الأحباس ما عيّن برسم المدارس والزوايا والمارستانات المعدة للرفق بأهل البلايا". ومن حيث المعمار جمعت الزاوية بين تقليد الرباط وبين الروح الجديدة التي أشاعها التصوف. وهي تمثل أكمل تطور اجتماعي مرت به الحركة الصوفية في المغرب العربي. فمنذ القرن السابع الهجري بدأت تتكون الجماعات الصوفية في بلاد المغرب الأوسط، ـ وكان التصوف قبل هذا يقتصر على الأفراد، وهذا ما نستنتجه من خلال انتشار الزوايا ـ، وبدأ تطورها التدريجي: فمن ركن أو مسجد صغير مخصص للعبادة والصلاة والذكر، إلى مكان لإرفاق الواردين وإطعام المحتاج إلى مؤسسة فريدة قائمة تؤدي عدة مهام وأدوار في أوساط المجتمع. واستقر مفهوم الزاوية فيما بعد على المكان الذي يلتقي فيه المتعبدون الراغبون في الحياة بمعزل عن العالم، لكنها احتفظت إلى جنب ذلك بالوظائف التي مارستها في بداية نشأتها، كمكان يستقبل عابري السبيل وطلبة العلم. وتؤدي وظائف مختلفة. بين الزاوية والرباط: ارتبطت نشأة الرباط بالجهاد وحراسة الثغور البحرية، وبلغت أوج تطورها في عهد الوالي هرثمة بن أعين ( 179/ 181هـ= 793 / 795م ). لم يكن بها معلمون دائمون، بل كان يتردد عليها العلماء والزهاد أمثال الإمام سحنون، للتعبد وإلقاء الدروس والمحاضرات. استمرت في أداء دورها ونشاطها إلى نهاية النصف الأول من القرن السابع الهجري، حيث تركت وظائفها ونشاطها للزاوية التي أضافت إليها بعض الأدوار الأخرى. وبالتالي يمكننا القول أن الزاوية في المغرب العربي هي الرابطة في بداية نشأتها وتطورها. ويرى ابن مرزوق الخطيب ـ كما مرّ معنا ـ أن لفظ الرابطة يطلق على هذا النوع من المؤسسات بالمشرق وبالمغرب يعرف بـ " الزاوية " أي أن الاختلاف في اللفظ فقط بين المشارقة والمغاربة، وأن لا اختلاف بين المؤسستين.
| |
|