إصلاح جامعات الجزائر حلم بعيد المنال
الخميس 13/11/1431 هـ - الموافق 21/10/2010 م
مطلع الألفية الثالثة أطلقت الحكومة الجزائرية برنامجا لإصلاح الجامعات والارتقاء بها إلى العالمية، لكنها بعد عشر سنوات ما زالت تراوح مكانها. أكثر من ذلك تبين أن خريجيها وعددهم نحو
مائتي ألف كانوا فئران تجارب لعمليات إصلاح متواصلة، بما يوحي أن الجهة المسؤولة لم تستقر بعد على خطة محددة.
وكشف تقرير حديث شمل مائة جامعة أفريقية وفق معياري تطور البحث العلمي واستعمال تكنولوجيات الإعلام والاتصال أن
أفضل جامعة جزائرية احتلت المرتبة الـ49 أفريقيا، وهو ما يؤكد أن مستوى جامعات الجزائر في مجال البحث ومستوى التأهيل وفق الوسائل الحديثة، مازال بعيدا عن مستوى التعليم بجامعات دول الجوار كتونس والمغرب.
وأكد التقرير تفوق بعض جامعات الدول الأفريقية الفقيرة على الجامعات الجزائرية، بسبب اعتمادها مخططات تعاون وشراكة مع جامعات عالمية لتطوير مستوى البحث واعتماد التكنولوجيا في المخابر البحثية وفق برامج متطورة.
ويواجه التعليم العالي بالجزائر جملة من التحديات، يكمن أهمها في
إنجاح الانتقال من النظام القديم (ليسانس / بكالوريوس, ماجستير, دكتوراه) إلى النظام الجديد المعروف ب"أل أم دي" هذا بالإضافة إلى الطلب المتزايد على التعليم وتزايد أعداد الطلبة، حيث يقدر عددهم حاليا بنحو مليونين وسيتجاوزون الـ2.5 مليون عام 2014.
ويمثل تقليص عدد الطلبة في الفوج الواحد، أكبر تحدٍ يواجه القائمين على إصلاح قطاع التعليم العالي، لما يتطلبه النظام التعليمي الجديد "أل أم دي" من تلقين دقيق للعلوم والمقاييس المبرمجة خاصة في الفروع التجريبية والتقنية.
ويشير المحور الثالث للإصلاح إلى ضرورة زيادة عدد الأفواج الخاصة بالطلبة قصد القضاء على الاكتظاظ داخل الأقسام، على ألا يتعدى عدد الطلبة بالفوج الواحد عشرين طالبا سيما بالفروع التجريبية والتقنية.
غير أن الواقع عكس هذا تماما، فالمتجول في أروقة مختلف الجامعات الجزائرية يصطدم بقوائم طويلة لأفواج الطلبة يتجاوز عددهم في كليات العلوم الإنسانية والاجتماعية ستين طالبا.
وينظر للطلبة المتخرجين في زمن الإصلاح على أن تكوينهم لا يرقى لمستوى يؤهلهم لتقلد المناصب الإدارية، بسبب نمطية التكوين المبنية على التلقين، والتي لا تفتح المجال للإبداع والابتكار الفردي، إلى جانب التكوين الكمي على حساب التكوين النوعي، وذلك للتكلفة التي أصبح يتطلبها التعليم.
وقد حاولت الحكومة إعطاء أهمية أكبر للأستاذ الذي يعد من المحاور الأساسية في عملية الإصلاح. فأقرت القانون الأساسي للأستاذ والأستاذ الباحث والذي سمح بزيادات في الأجور. كما أقرت القانون الأساسي للطالب في مستوى الدكتوراه، وحددت شروط ممارسة نشاطات البحث من قبل الأستاذ الباحث في المستشفيات الجامعية أو الأستاذ الباحث وكذلك كيفية مكافأته.
ويرى المنسق الوطني لمجلس أساتذة التعليم العالي والبحث العلمي مالك رحماني أن الإصلاحات التي مست منظومة التعليم العالي والبحث العلمي، مازالت مبهمة، وأنه كان من الأجدر تكييفها مع التغيّرات والتحولات التي تشهدها منظومة التعليم العالي بالعالم.
ترسيم التعليم
واعترف رحماني أن النظام التعليمي الجديد لا يجب ترسيمه بقرار سياسي لأنه سيضع الجامعة الجزائرية في مواجهة خطر كبير، مشيرا إلى أن تعميمه على كل الجامعات الجزائرية بحلول العام 2012 سيكون أمرا مستحيلا لأن معظمها غير قادرة على توفير كل الشروط اللازمة التي يفرضها هذا النظام، سواء تعلق الأمر بمخابر البحث أو أجهزة الإعلام الآلي.
ورغم كل الانتقادات التي وجهت إلى مسار الإصلاح، تعتقد وزارة التعليم العالي أنها تسير في الاتجاه الصحيح، وأن الإمكانات المالية والبشرية التي رافقت النظام الجديد سمحت بتحسين وضعية الطلبة والأساتذة، سواء من حيث تحصيلهم وتأهيلهم أو من حيث ظروف الدراسة والتدريس.