المكتبات في الجزائر
عبد المنعم القاسمي
تعتبر المكتبات إحدى مقاييس التقدم والرقي للشعوب والحضارات. واهتم المسلمون بالكتب والمكتبات، انطلاقا من حض دينهم الإسلامي الحنيف على طلب العلم، فقد قال تعالى: "
اقرأ باسم ربك الذي خلق " ، وقد كانت الكتب محل اهتمام المسلمين، العلماء منهم وطبقة العامة، فكانوا يكنون لها كل الاحترام والتقديس.
كما كانت المكتبات وليدة حاجة المجتمع العربي المسلم لانتشار العلم والتعليم، فوجدت بالقرب من كل مدرسة أو مسجد أو زاوية مكتبة.
وقد عرفت الحضارة العربية الإسلامية الكثير من المكتبات: دار الحكمة، دار العلوم بالبصرة....، ولذلك كثرت المكتبات في العصور الإسلامية لدرجة أننا قل أن نجد مدرسة أو مسجداً أو جامعاً أو خانقاه أو زاوية ... أو غيرها "دون أن تزود بخزانة كتب نافعة تعين المدرسين على التأليف والطلاب على المذاكرة، ولا شك في أن هذا العدد الكبير من المكتبات له القيمة العلمية في عصور كان اعتماد التدوين فيها على الكتابة الخطية ونسخ المخطوطات يدوياً، ولا ريب أيضاً في أن وجود دار الكتب العامة والخاصة له أثره المحمود في النهوض العلمي ونشاط حركة النسخ والتأليف.
وبالنسبة للجزائر فقد عرفت ظروفا صعبة على مر الأزمان والعصور، أدت إلى النقص الكبير في هذه المؤسسات، ومع هذا فقد حاول البعض تكوين مكتبات خاصة ضمت بين رفوفها المئات من المخطوطات التي تعكس مستوى التقدم.
وقد عرفت الجزائر المكتبات الخاصة لعل من أشهرها:
مكتبة الفكون: وهي مكتبة شيخ الإسلام عبد الكريم الفكون، وتعد من أقدم المكتبات الخاصة في القطر، كانت تحتوي على آلاف المخطوطات، توارثها أبناؤه وأضافوا إليها، لكن مع دخول الاحتلال الفرنسي، تعرضت هذه المكتبة إلى الضياع والنهب والمصادرة والبيع بالمزاد العلني، وفي سنة 1892، بيع بالمزاد العلني الكثير من محتوياتها.
مكتبة زاوية ابن أبي داود : بتاسلنت (آقبـو)، التي قال عنها الشيخ علي أمقران السحنوني أنها كانت غنية بالمخطوطات. ومصير هذه المكتبة كان رهيبا على حد تعبير الدكتور سعد الله، فقد عرفت النهب والتلف أثناء ثورة التحرير المباركة، وضاع أغلبها بعد سنة 1957.
مكتبة الأسرة العثمانية بطولقة : وهي من أهم المكتبات في القطر الجزائري، وتقع بزاوية سيدي علي بن عمر بطولقة، واحتوت مكتبتها مجموعة كبيرة من المخطوطات القيمة، وقد اشتهر أبناء الشيخ علي بن عمر بحبهم الشديد للكتب وبذلوا أموالا طائلة في شرائها وجمعها.
وكذا مكتبة زاوية الشيخ الموسوم بقصر البخاري، مكتبات تمنطيط.